محبي الشهيد حسن البنا
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
المواضيع الأخيرة
» الإمام البنا بزي الجوالة
 مشكلاتنا في ضوء النظام الإسلامي للإمام حسن البنا Emptyالإثنين يناير 07, 2013 6:10 pm من طرف سمسم

» وصف سريع لمشهد اغتيال الشهيد حسن البنا
 مشكلاتنا في ضوء النظام الإسلامي للإمام حسن البنا Emptyالسبت يوليو 02, 2011 9:46 am من طرف Admin

» محسن محمد . . من قتل حسن البنا ؟
 مشكلاتنا في ضوء النظام الإسلامي للإمام حسن البنا Emptyالسبت يوليو 02, 2011 9:33 am من طرف Admin

» أنور السادات يصف الشهيد حسن البنا
 مشكلاتنا في ضوء النظام الإسلامي للإمام حسن البنا Emptyالسبت يوليو 02, 2011 9:22 am من طرف Admin

» روبير جاكسون يتحدث عن الشهيد حسن البنا
 مشكلاتنا في ضوء النظام الإسلامي للإمام حسن البنا Emptyالسبت يوليو 02, 2011 9:19 am من طرف Admin

» مجلة آخر ساعة تصف الشهيد حسن البنا
 مشكلاتنا في ضوء النظام الإسلامي للإمام حسن البنا Emptyالسبت يوليو 02, 2011 9:15 am من طرف Admin

» محمد نجيب والشهيد حسن البنا
 مشكلاتنا في ضوء النظام الإسلامي للإمام حسن البنا Emptyالسبت يوليو 02, 2011 9:12 am من طرف Admin

» علم مصر بصورة الشهيد حسن البنا
 مشكلاتنا في ضوء النظام الإسلامي للإمام حسن البنا Emptyالسبت يوليو 02, 2011 8:36 am من طرف Admin

» الامام الشهيد حسن البنا وسط الاخوين مصطفى السباعي و عمر بهاء الاميرىالسوريين في حرب فلسطين
 مشكلاتنا في ضوء النظام الإسلامي للإمام حسن البنا Emptyالثلاثاء أكتوبر 19, 2010 5:26 am من طرف Admin


مشكلاتنا في ضوء النظام الإسلامي للإمام حسن البنا

اذهب الى الأسفل

 مشكلاتنا في ضوء النظام الإسلامي للإمام حسن البنا Empty مشكلاتنا في ضوء النظام الإسلامي للإمام حسن البنا

مُساهمة من طرف Admin الجمعة أكتوبر 15, 2010 6:50 am


مشكلاتنا في ضوء النظام الإسلامي
للإمام حسن البنا

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
{ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}
إلى رئيس الحكومة باعتباره المسؤول الأول ..
وإلى أعضاء الهيئات الإسلامية ـ على اختلافها ـ باعتبارهم الدعاة الرسميين لنظام الإسلام ..
وإلى رؤساء الهيئات الشعبية السياسية والوطنية باعتبارهم قادة الفكر وموجهي الجماهير
وإلى كل محب لخير العالم وسيادة بني الإنسان ..
أوجه هذه الكلمات , أداء للأمانة , وقياما بحق الدعوة ..
ألا قد بلغت ... اللهم فاشهد
حسن البنا

نظرات ثلاث
أي لون نختار؟
اعتراضات
قضيتنا الوطنية في ضوء التوجيه الإسلامي
وحدتنا في ضوء التوجيه الإسلامي

نظرات ثلاث
فأما النظرة الأولى : فإلى ما وصلت إليه الحال في وطننا العزيز مصر من فساد تغلغل في كل المرافق ، وشمل كل مظاهر الحياة :
مطالبنا الوطنية لم نصل فيها إلى شيء ...
و روح الشعب المعنوية محطمة أشد تحطيم بسب الركود ، والشقاق والخلاف يملك نفوس القادة والزعماء حاكمين ومحكومين على السواء ...
والجهاز الإداري أفسدته المطامع الشخصية , والغايات الحزبية , وسوء التصرفات , وضعف الأخلاق ، والمركزية القاتلة والإجراءات المعقدة , والهرب من تحمل التبعات .
والقانون قد ضعف سلطانه على النفوس و الأوضاع لكثرة ما اقتحم عليه من تحايل واستثناءات .
..وشدة الغلاء ، وكثرة المتعطلين لقلة الأعمال وانخفاض مستوى المعيشة – إلى حد لا يكاد يتصوره إنسان – بين الأغلبية العظمى من السكان , مع نضوب معين الرحمة من القلوب واستيلاء القسوة وروح الجبروت والظلم على النفوس كل ذلك أخذ يتحول إلى حال من السخط تتمثل في كثرة الإضرابات وتتجلى في كثير من المظاهر والعبارات ...
والأخلاق قد انتهى أمرها – أو كاد – وعصف بها الجهل و الفقر و الحاجة والفاقة وانتشرت الرذائل و مظاهر الانحلال الخلقي في كل مكان ...
والأفكار مبلبلة والنفوس قلقة لا تكاد تستقر في شئ على حال .
وكل هذه المعاني تزداد بمرور الأيام ، وتتضاعف ساعة بعد ساعة , وتنذر ببلاء محيط وشر مستطير , إن لم يتداركها العقلاء قبل فوات الأوان ...
وأما النظرة الثانية : فإلى ما وصلت إليه الحال في أوطاننا الغالية العزيزة من بلاد العروبة وأمم الإسلام :
فلسطين : مهددة بهذا الاجتياح الذي انتهت إليه هذه المؤامرة الدولية من الأمريكان والروس والإنجليز على السواء , بفعل الصهيونية العالمية التي سخرت الحكومات والشعوب الغربية بالمال , مع استعدادها السابق , بكل تعصب ذميم على العرب والمسلمين أينما كانوا...
و الباكستان الناشئة : تقاسي الأمرين من هذا العدوان الوثني المسلح , المؤبد بدسائس الاستعمار وأسلحة الاستعمار على اختلاف دوله , حتى روسيا – التي تتظاهر باحترام إرادة وأمم الشعوب – تتآمر هي الأخرى على الدولة الناشئة إن صح ما ولفتنا به اليوم البرقيات الأخبار ...
وإندونيسيا :التي تبلغ سبعين مليونا أكثرهم من المسلمين , تضغط عليها هولندا التي لم تكسر قيد الاحتلال الألماني إلا بيد غيرها من جنود الحلفاء , وتريد أن تحول بين الشعب السلم الباسل وبين ما هو حق طبيعي له من حرية واستقلال ..
وطرابلس الغرب وبرقة : تجهز لها حبائل الاستفتاء ولا يدري عواقب هذه اللعنة السياسية إلا الله , وإن غدا لناظره قريب ...
وشمال أفريقيا بأقسامه : تونس والجزائر ومراكش , يستغيث ولا مغيث , ويجاهد ما ستطاع ليكسر القيود والأغلال التي ضربتها من حوله فرنسا , وحرمته بها حقه في العيش الحر الكريم , ومن الاستقلال التام ...
وقل مثل ذلك في كل شعب عربي إسلامي , فإنك لن تجد واحدا منها قد سلم من مناورات الغصب ودسائس الاستعمار ... هذا في أوضاعه السياسية ، وكلها من حيث الأوضاع الاجتماعية ليست أحسن حالا مما تقدم ذكره في وادي النيل ... وكلنا في الهم شرق .
وأما النظرة الثالثة : فإلى ما انحدر إليه التفكير بين زعماء العالم وساسة الشعوب والذين أتاحت لهم المقادير أن يكونوا قادة الدنيا في هذه الأيام بعد الحرب العالمية الثانية .
لقد اختفت المثل العليا تمام الاختفاء , وغابت عن الأنظار و القلوب تلك الأهداف الجميلة التي نادى بها هؤلاء الناس ساعة العسرة , وجندوا باسمها قوى الأمم ضد الظلم و الطغيان ... فالعدالة الاجتماعية , والحريات الأربع , ومبادئ ميثاق الأمم.. الخ .
هذه القائمة الطويلة العريضة من المبادئ السامية والأهداف المغرية أصبحت في خبر كان ولم تعد لهؤلاء الساسة و الزعماء " فلسفة راقية " يقودون بتوجيهها العالم إلا فلسفة المصالح المادية ، والمطامع الاستعمارية ومناطق النفوذ والاستيلاء على المواد الخام ! . وكل ذلك على صورة من الجشع و النهم لم تر الدنيا لها مثيلا ولا بعد الحرب العالمية الأولى . وأصبحت هذه المعاني وحده محور التنافس بيت الدول المنتصرة , روسيا من جانب وأمريكا وإنجلترا من جانب آخر , وإن حاولت كل منها أن تستر جشعها ومناورتها بستار من دعوى المبادئ الاجتماعية الصالحة , والنظم الإنسانية الفاضلة , باسم الشيوعية أو الديمقراطية , وليس وراء هاتين اللفظتين إلا المطامع الاستعمارية والمصالح المادية في كل مكان .
ونتيجة هذا الانحراف – الذي هو في حقيقة أمره مسخ لإنسانية بنى الإنسان – ليست إلا "الحرب الثالثة " المسلحة بالقنابل الذرية ، والغازات الخانقة والأسلحة المهلكة , وما سمعنا وما لم نسمع عنه بعد من معدات الهلاك والدمار التي تمثل ما جاءت به الكتب السماوية ومن وصف القارعة وهول القيامة : (يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ , وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ) (القارعة:4-5) .
هذه هي صورة الحال في وطننا الخاص , وفى وطننا العربي والإسلامي وفى وطننا الإنساني العام , وإذا لم تقم في الدنيا أمة " الدعوة الجديدة " تحمل رسالة الحق والسلام فعلى الدنيا العفاء , وعلى الإنسانية السلام ...
وإن من واجبنا وفى يدنا شعلة النور وقارورة الدواء , أن نتقدم لنصلح أنفسنا وندعو غيرنا , فإن نجحنا فذاك , وإلا فحسبنا أن نكون قد بلغنا الرسالة وأدينا الأمانة وأردنا الخير للناس , ولا يصح أبدا أن نحتقر أنفسنا , فحسب الذين يحملون الرسالات ويقومون بالدعوات من عوامل النجاح أن يكونوا بها مؤمنين , ولها مخلصين , وفى سبيلها مجاهدين , وأن يكون الزمن ينتظرها و العالم يترقبها ... فهل من مجيب ؟
(قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا للهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلا نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ) (سبأ:46) .
/
أي لون نختار؟
صِبْغَةَ اللهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ
تسود مجتمعنا اليوم حيرة ... و إذا دامت هذه الحيرة فليس وراءها إلا الثورة , و الثورة الهوجاء التي لا غاية لها , ولا ضابط ولا نظام ولا حدود , ولا تعقيب إلا الهلاك و الدمار والخسارة البالغة , وبخاصة في هذا العصر الذي لا يرحم والذي تتجارى بأهله الأهواء كما يتجارى الكلب بصاحبه ، وفى وطن كمصر تتطلع إليه الأنظار وتتقاذفه المطامع في الداخل والخارج .
هذا الكلام متفق عليه بين كل من يعنيهم أمر هذا الوطن , وإنك لتسمعه من الزعماء و المفكرين كما تسمعه من العامة في مجالسهم و المجتمعين في أنديتهم وذوى الأعمال في أماكن عملهم ، ومن سائق العربة إذا ركبت معه , ومن بائع الخضر إذا تحدثت إليه .. وإذا أنكرنا ذلك أو تغافلنا عن أثره , أو استصغرنا نتائجه كنا كالنعامة التي تدفن رأسها في الرمل وتظن أنها بذلك تخدع الصياد .
ومن هذه الثغرة وتطبيقا لهذا القانون الاجتماعي الذي لا يتخلف , تأمل المبادئ الجديدة والدعوات الجديدة أن تنفذ إلى مصر , وتكافح في سبيل استيلائها على النفوس المصرية والقلوب المصرية أشد الكفاح وتسلك إلى ذلك كل سبيل مستطاع وغير مستطاع ومن هنا سمعنا كثيرا من هذه الأصوات يتردد في الصحف السيارة وفى المجالس والمنتديات , فالشيوعية جادة في فرض تعاليمها على أبناء هذا المجتمع , والديمقراطية الاستعمارية الهزيلة تحاول من جانبها أن تقاوم هذا التيار , ويتوسطهم قوم داعون للاشتراكية , ويقف الإسلام العتيد المستقر في هذه القلوب أربعة عشر قرنا ,المستولى عليها , المؤثر فيها بجماله وجلاله وسموه وروعته , يأبى على الجميع أن ينزل عن مرتبته أو يتخلى عن هذه القلوب التي أمنت به وجاهدت أكرم الجهاد في سبيل إعلائه وبقائه ورفعته وردت عنه بهذا الجهاد غارات الصليبيين وهجمات التتار ومكايد الصهيونية : (وَاللهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) (يوسف:21) .
ولك إلى متى هذا التطاحن بين هذه الآراء و الأوضاع , وهو إن كان اليوم صغيرا فهو لن يظل كذلك ؟!‍
و إلى متى ينظر أهل الرأي في مصر إلى هذا الصراع في غفلة وبله وانصراف كأن الأمر لا يعنيهم , وكأنه يتناول بلدا غير بلدهم وأشخاصا غير أشخاصهم ؟!.. لا مناص لنا من أن نختار .
وإذا لم نختر اليوم ونحن راضون , فسنقبل غدا – بل الغد القريب جدا – ونحن مرغمون , وإني لأرى الوميض خلال الرماد ويوشك أن يكون له ضرام .
لابد من أن نختار لون الحياة الجديدة التي نحياها , ولم تعد أوضاع الحياة الاجتماعية بكل نواحيها في مصر صالحة أمام التطور الجديد في الأخلاق و الأفكار وحاجات الناس , والعاقل من تدبر الأمر قبل وقوعه وأعد له عدته .
وأمامنا الشيوعية والاشتراكية , وهما معتبرتان في منطق التحالف الدولي اليوم من معاني الديمقراطية , ولا يستطيع الديمقراطيون أن يقدموا غير هذا . وأمامنا كذلك (نظام الإسلام) وتوجيه الإسلام , وتعاليم الإسلام , وأحكام الإسلام .
ونحن في الحقيقة لسنا مخيرين ولسنا أحرارا في الاختيار , فإننا جميعا آمنا بهذا الإسلام الحنيف دينا ودولة , واعتبرنا مصر دولة إسلامية , بل هي زعيمة دول الإسلام . وقال دستورنا صراحة " دين الدولة الرسمي الإسلام ولغتها اللغة العربية ".
وهذا الشعب – شعب وادي النيل كله في الشمال والجنوب – يدين بهذا الدين الحنيف والأقلية غير المسلمة من أبناء هذا الوطن تعلم تمام العلم كيف تجد الطمأنينة والأمن و العدالة و المساواة التامة في كل تعاليمه و أحكامه , هذا الذى يقول كتابه :
(لا يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) (الممتحنة:Cool .
والكلام في هذا المعنى مفروغ منه , وهذا التاريخ الطويل العريض للصلة الطيبة الكريمة بين أبناء هذا الوطن جميعا – مسلمين وغير مسلمين – يكفينا مؤونة الإفاضة والإسراف , فإن من الجميل حقا أن نسجل لهؤلاء المواطنين الكرام أنهم يقدرون هذه المعاني في كل المناسبات , ويعتبرون الإسلام معنى من معاني قوميتهم وإن لم تكن أحكامه وتعاليمه من عقيدتهم .
وإذاً لا مناص للحكومة المصرية و الهيئات المصرية والأحزاب المصرية من أن تفي بعهدها الشرعي لله ولرسوله يوم نطقت بالشهادتين فالتزمت الإسلام , وبعهدها المدني الوطني لهذا الشعب يوم أصدرت الدستور , ونصت فيه على أن الدين الرسمي هو الإسلام , وبغير ذلك تكون قد غدرت بعهدها , و خانت أمانة الله و الناس عندها , وعليها أن تصارح الشعب ليحدد موقفه منها وموقفها منه ، ولا محل اليوم للمداورة والخداع .
وهذا الوفاء سيحمى الوطن مما يهدده من أخطار اجتماعية داهمة , ويعيد الطمأنينة و السكينة إلى النفوس و القلوب , لكنه يستلزم حالا تغيير الاتجاهات و الأوضاع كلها و المجاهرة بأن وادي النيل هو حامل رسالة الإسلام و منفذها ومبلغها فى غير مواربة ولا وهن , ولا يغنى عن العمل الكلام .
فهل تصيخ الآذان المغلقة إلى هذا النذير , فتعود إلى حجر الإسلام قولا وعملا وتطبيقا ؟؟ (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً) (النساء:65) .
يا دولة رئيس الحكومة .
ويا رجال الأزهر الشريف .
ويا رؤساء الهيئات و الجماعات والأحزاب .
ويا أيها الغيور على مصلحة هذا الوطن العزيز .
ويا أبناء هذا الوطن جميعا ...
إليكم أوجه النداء , فإلى تعاليم الإسلام ، (صِبْغَةَ اللهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ) (البقرة:138) .
ألا قد بلغت ... اللهم فاشهد .
/
اعتراضات
فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ
دعوت قومي إلى أن يختاروا ، أو بعبارة أصح و أوضح , إلى أن يبروا بعهدهم مع الله ومع أنفسهم فيقيموا دعائم حياتنا الاجتماعية في كل مظاهرها على قواعد الإسلام الحنيف , وبذلك يسلم مجتمعنا من هذا القلق والاضطرابات و البلبلة التي شملت كل شيء , والتي وقفت بنا عن كل تقدم , والتي حالت بيننا وبين أن نتعرف الطريق السوي إلى علاج أية قضية من قضايانا الكثيرة المعلقة في الداخل و الخارج , وقلت إنه لا سبيل إلى النجاة إلا هذا الاتجاه عقيدة وعملا بكل ما نستطيع من حزم وسرعة .
وقد يقال : كيف ذلك والحياة العصرية في العالم كله لا تقوم على أساس الدين في أية ناحية من نواحيها , وقد اصطلحت أمم العالم , التي بيدها اليوم مقاليد الأمور وتوجيه مقدرات الأمم والشعوب , على فصل الحياة الاجتماعية عن العقائد الدينية , وإقصاء الدين عن كل مرافق الحياة وحصره بين الضمير والمعبد ، وهى وحدها نافذة المؤمن التي يتصل منها بالله .
والذين يقولون هذا القول لم يعرفوا " الإسلام " , ولم يدرسوا تعاليمه وأحكامه , ولم يفقهوه بعد على طبيعته الصحيحة ووضعه السليم .. من أنه دين ومجتمع , ومسجد ودولة , ودنيا وآخرة ، وأنه تعرض لشؤون الحياة الدنيوية العلمية بأكثر مما تعرض به للأعمال التعبدية , وإن كان قد أقام الشطرين معا على دعامة من سلامة القلب ، وحياة الوجدان , ومراقبة الله , وطهر النفس . فالدين على هذا جزء من نظام الإسلام , والإسلام ينظمه كما ينظم الدنيا تماما. ونحن كمسلمين مطالبون بأن يقوم ديننا ودنيانا على أساس القواعد الإسلامية : ( وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) (المائدة:50) .
ومن هنا فرق الفقهاء في النظرة التشريعية بين ما هو من قواعد أحكام المعاملات وشؤون الحياة الاجتماعية , فأفسح للنظر والاجتهاد في الثانية ما ليس في الأولى حتى لا يكون على الناس في ذلك حرج ولا مشقة , (يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) (البقرة:185). وتحدث للناس أقضية بقدر ما أحدثوا من الفجور .
وقد يقال : إن هذا جمود ورجوع بالعالم إلى الوراء ألف عام أو تزيد ، فكيف يعقل أننا نطبق اليوم نظما جاءت لأمة عاشت قبلنا بأربعة عشر جيلا في أرض غير أرضنا وعلى لون من الحياة غير ألوان حياتنا ؟! وأين سنة التطور وقوانين التقدم والارتقاء ؟
ونقول لهؤلاء كذلك إنكم أيضا لم تفهموا طبيعة الإسلام الحنيف , الذي جاء للناس فكرة سامية تحدد الأهداف العليا , وتضع القواعد الأساسية , وتتناول المسائل الكلية , ولا تتورط في الجزئيات , وتدع بعد ذلك للحوادث الاجتماعية و التطورات الحيوية أن تفعل فعلها وتتسع لها جميعا ولا تصطدم بشيء منها .
وهذا تاريخ التشريع الإسلامي يحدثنا أن ابن عمر رضى الله عنه كان يفتى في الموسم في القضية من القضايا برأي , ثم تعرض عليه في الموسم التالي من العام القابل فيفتى برأي آخر .. فيقال له في ذلك , فيقول : ذاك على ما علمنا وهذا على ما نعلم أو كلام هذا نحوه .
كما يحدثنا أن الشافعي رضى الله عنه وضع بالعراق مذهبه القديم , فلما تمصر وضع مذهبه الجديد نزولا على حكم البيئة , وتمشيا مع مظاهر الحياة الجديدة من غير أن يخل ذلك بسلامة التطبيق على مقتضى القواعد الأساسية الكلية الأولى ... وأصبحنا نسمع : " قال الشافعي في القديم . وقال الشافعي في الجديد " ونرى تغير رأى الرجل الواحد في القضية بحسب الزمان تارة – كما فعل بن عمر – وبحسب المكان تارة أخرى – كما فعل الشافعي – أو بحسبهما معا كما سمعنا أن عمر رضى الله عنه أمر بعدم القطع في السرقة عام المجاعة , وجاءه رجل يشكو سرقة خدمه فأحضرهم فأقروا وذكروا أن السبب ذلك أنه لا يقوم بكفايتهم من طعام وملبس ... الخ . فتركهم عمر قائلا : ( إذا سرق خدمك مرة ثانية قطعت يدك أنت ) واعتبرها شبهة تدرأ الحد ، ولاحظ الظروف والملابسات ..
فهل يقال بعد هذا إن في الرجوع إلى النظام الإسلامي رجعية وجمودا , وليست في الدنيا شريعة تقبل التطور , وتساير مقتضيات التقدم , وتتمتع بمعاني المرونة و السلاسة والسعة كشريعة الإسلام الحنيف , (مَا يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (المائدة:6).
وقد يقال إن الجهر بالعودة إلى نظام الإسلام مما يخيف الدول الأجنبية و الأمم الغربية , فتتألب علينا وتتجمع ضدنا , ولا طاقة لنا بهم ولا قدرة لنا عليهم , وهذا منتهى الوهن وغاية الفساد في التقدير وقصر النظر .. وها نحن أولاء نرى هذه الدول وقد سايرناها في نظمها , وأخذنا بألوان حياتها , واتبعناها في تقاليدها , فهل أغنى ذلك عنا شيئا ؟! وهل دفع من كيدها ؟ وهل منعها من أن تحتل أرضنا ، وتسلب استقلالنا وتستأثر بخيرات بلادنا ، ثم تتجمع في كل مؤتمر أو مجتمع دولي ضد حقوقنا وتثير المشكلات والصعاب والعقبات في وجوهنا , ولا تتأثر إلا بشيء واحد هو ظروفها ومصالحها فقط ، ولا يعنيها بعد ذلك إلا أنها نصرانية, فقد رأيناها في الحرب الماضية يحطم بعضها بعضا , وكلها مسيحية , وتتملق مع هذا دول الإسلام وأممه وشعوبه , وتتزلف إليه بمعسول وحلو الحديث , وهاهم أولاء جميعا يناصرون الصهيونية اليهودية وهى أبغض ما تكون إليهم لارتباط مصالحهم المادية وأغراضهم الاستعمارية بهذه المناصرة . وقد أصبح هذا المعنى معلوما في تصرفات كل الساسة الغربيين.
إذن فلن يجدينا شيئا عندهم أن نتنصل من الإسلام , ولن يزيدهم فينا بغضا أن نعلن التمسك به والاهتداء بهديه , وبخاصة وهم الآن معسكران مختلفان متنافسان على المصالح المادية وحدها.
ولكن خطر التنصل من الإسلام والتنكر له عظيم على كياننا نحن , فما دمنا بعيدين عن تشرب روحه وتحقيق تعاليمه , فسنظل حائرين فتتحطم معنوياتنا . متفرقين فتضعف قوتنا . ولو أخذنا بالحزم وأعلناها صريحة واضحة : أننا معشر أمم الإسلام لا شيوعيون ولا ديمقراطيون ولا شئ من هذا الذي يزعمون ، ولكننا بحمد الله مسلمون ، لارتسمت أمامنا توا طريق الهداية والنور ، ولجمعتنا كلمة الإسلام , ووحدت بيننا وبين إخواننا جميعا في أقطار الأرض ... وفى ذلك وحده – ولا شئ غيره – القوة والمنقذ أمام هذا العدوان الغربي الاستعماري الجارف الذي يهددنا في كل مكان .
وخلاصة هذا الكلام في إيجاز : أننا إذا لاحظنا غضب الغربيين ورضاهم في تمسكنا بالإسلام أو بعدنا عنه ، فليس لهذا من معنى إلا أننا إن لم نتمسك بالإسلام فلن نكسب رضاهم وسنخسر أنفسنا ، في حين أننا إذا تمسكنا به وتجمعنا من حوله واهتدينا بهديه كسبنا أنفسنا ولا شك . وكان هناك احتمال قوى أن نكسبهم أيضا بتأثير قوة الوحدة فأي الرأيين أولى بالاتباع يا أولي الألباب ؟ !
أما اعتراض الأقليات الغير مسلمة فقد أشرنا إليه من قبل ولا نريد أن نطيل فيه القول اليوم , فالأمر أوضح من أن يكون موضع مراء .
إنه ليس أمام الأمم الإسلامية اليوم إلا هذه الفرصة ، وإن الدول الغربية تدرك هذا تماما ، فهي تشغلنا بأنفسنا ، وتزيدنا حيرة على حيرة . وليس في الوقت متسع للتردد , وإن تبعة من لا يعلم في عنق من يعلم ، ولا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم .
فيا رئيس الحكومة ... ويا رجال الأزهر الشريف...
ويا أعضاء الجماعات والأحزاب ويا ذوى الغيرة على هذا الوطن .
ويا أبناءه جميعا ... إليكم أقول :
عودوا إلى الإسلام تغنموا وتسلموا :
(إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا) (النور:51) .
ألا قد بلغت ... اللهم فاشهد
/
قضيتنا الوطنية في ضوء التوجيه الإسلامي
حقوقنا الوطنية معروفة ، أعلنتها الأمة بكل وضوح وجلاء على لسان أحزابها وهيئاتها وجماعاتها وأفرادها في كل المناسبات ، وهى : تحقيق وحدة وادي النيل جنوبه وشماله , وجلاء القوات الأجنبية عنه جميعا , لتتم بذلك حريته واستقلاله .
والإسلام الحنيف يعلن الحرية ويزكيها ، ويقررها للأفراد والأمم والجماعات بأفضل معانيها ، ويدعوهم إلى الاعتزاز بها والمحافظة عليها ، ويقول نبيه صلى الله عليه وسلم : (من أعطى الذلة من نفسه طائعا غير مكره فليس منى) . وهو يحارب هذه اللصوصية الدولية التي يسمونها الاستعمار بكل ما فيه من قوه ، ولا ترضى تعليمها أبداً بأن تسود أمة أو يرهق شعب شعباً آخر ، ولا تزال كلمة عمر الفاروق رضى الله عنه ترن في الأذن حين قال لعامله عمرو بن العاص : (متى تعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً) .
ويوم حمل الفاتح المسلم سيفه على عاتقه ، وانطلق غازياً في أراضى الله لم يكن يرجوا من وراء ذلك مغانم دنيوية ، ولم يكن يتطلع إلى خيرات الأمم والشعوب ليستأثر بها دونها وإن امتلأت يداه منها بغير قصد منه .. ولكن كان يؤمن بدعوته ويحمى رسالته ، ويحمى في العالم مبادئ الحق والعدل والسلام وتاريخ الصدر الأول من أئمة المسلمين الراشدين المهديين – وهم الحجة للإسلام – يعطيك هذه الصورة بنية المعالم ، واضحة الحدود .
والإسلام مع هذا يعتبر الأمة الإسلامية أمينة على رسالة الله في أرضه ، وله في العالم مرتبة الأساتذة – ولا نقول مرتبة السيادة – بحكم هذه الأمانة ، فلا يسمح لها أن تذل لأحد ، أو تستعبد لأحد ، أو تلاين قناتها لغامز أو تخضع لغاصب معتداً أثيم : (وَلَنْ يَجْعَلَ اللهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً) (النساء:141) .
ويوم قرر الإسلام هذا ، قرر الطريق العلمي لحماية هذه الحرية . فافترض الجهاد بالنفس والمال ، وجعله فرض كفاية لتأمين الدعوة ، وفرض عين على كل أبناء الأمة لرد العدوان على الوطن إذ واجهته قوات الغزاة من غير المسلمين ، وجعل الشهادة أعلى مراتب الإيمان , ووعد المجاهدين النصر و التأييد في الدنيا , والخلود والبقاء والنعيم المقيم في الآخرة ، وأعلن أن الجهاد أفضل الأعمال بعد الإيمان , (الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ , يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُقِيمٌ , خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ) (التوبة:20-22).
ومع هذا فقد رحب الإسلام بالوسائل السلمية وإنهاء الخصومة متى أدت هذه الوسائل إلى الاعتراف بحق الكمال لأصحابه , (وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ) (لأنفال:61). وما خير النبي صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن محرماً , ومن السلم المفاوضة إذا أوصلت إلى الحق الكامل , وقد فاوض رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديبية , ومن السلم التحاكم إذا أدى إلى هذا الحق أيضاً . وإن كنا لا نعلم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم – أو أحد من الخلفاء الراشدين المهديين رضي بتحكيم كافر . ولكنه مقتضى عموم الآية , ولازم الاتفاق على الخير ، الذي لا يمنعه الإسلام بين المسلمين وغيرهم متى كان فيه مصلحة لهم وليس فيه ضرر عليهم .
فإذا فشلت هذه الجهود السلمية فإن رأى الإسلام صريح في (النبذ) الذي يتضمن إعلان الخصومة ، ثم الأخذ تواً بكل وسيلة من وسائل الجهاد : (وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ , وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا إِنَّهُمْ لا يُعْجِزُونَ , وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ) (لأنفال:58-60).
وقد وعد الله المجاهدين للحق أن يدافع عنهم ، وينصرهم لا محالة على أعدائهم مهما يكن عدوهم كامل الأهبة ، عظيم العدد ، مرموق العدة ، قوى الوسائل ، وعليهم ألا يعبأوا بذلك ، وإن يعتمدوا على الله وحده , (وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ) (الروم:47) , هذه الأحكام جميعاً مقررة في الإسلام يعرفها بتفصيل أوسع واستدلال أقوى وأدق وأحكام كل من نهل من معينه , وأخذ بحظ من الفقه فيه , وعلى ضوئها نستطيع أن نحل قضيتنا الوطنية التي وصلت إلى حد من الارتباك , واضطربت الأذهان , وإليك بيان بذلك :
لقد فاوضنا فلم نصل إلى شيء لتعنت الإنجليز وتصلبهم ومناورتهم .
واحتكمنا فلم نصل إلى شئ ، كذلك أمام تغليب المصالح الدولية والمطامع الاستعمارية , ولقد قال كاتب فاضل : أننا وصلنا إلى كسب أدبي عظيم بالدعاية الواسعة لقضيتنا بطرحها أمام أنظار العالم كله ، وإخراجها من حيث التفاهم الثنائي الضيق , إلى حيز التحاكم الدولي الواسع ، وذلك صحيح ولكن هذا الكسب الأدبي لم يغنى عن الحقيقة الواقعة شيئا ، وهى أننا مازلنا مع الإنجليز حيث كنا لم نقدم خطوة , بل أن هذا الركود كان مدعاة إلى التساؤل والبلبلة .
لم يبقى إذاً إلا (النبذ على سواء) بأن نعلنهم بالخصومة الصريحة السافرة ، ونقرر في صراحة إلغاء ما بيننا وبينهم من معاهدات واتفاقات , ونعلن اعتبارا أمة وادي النيل معهم في حالة حرب - ولو سلبية - وننظم حياتنا على هذا الاعتبار .
اقتصادياً : بالاكتفاء والاقتصار على ما عندنا وعند إخواننا من العرب والمسلمين والدول الصديقة إن كانت.
واجتماعياً : تشجيع روح العزة والكرامة وحب الحرية .
وعلمياً : بتدريب الشعب كله تدريباً عسكرياً حتى يأتى أمر الله.
وتهيأ نفوس الشعب لذلك بدعاية واسعة تامة كاملة ، كم تفعل الأمم إذا واجهت حالة الحرب الحقيقية ، وتتغير كل الأوضاع الاجتماعية على هذه الأساس .
وهذا العمل لا يتسنى للأفراد ولا للهيئات ابتداء , ولكن الحكومة هي المسئولة عنه أولاً وأخيراً ، فأما الشعب نقولها في صراحة ووضوح وثقة ، أنه على أتم استعداد لبذل كل شيء لو سلكت الحكومة هذا السبيل ، إنه مستعد ليجوع ويعرى ... وليموت ويناضل ، ويكافح بأشد النضال والكفاح .. ولكن على شريطة أن يكون ذلك في سبيل حريته واستقلاله لا في سبيل ارتباك اللجان الحكومية ، وضعف الوسائل الإدارية والتخبط في السياسة الاقتصادية والوقوف أمام مكائد الإنجليز وضغطهم موقف المستسلمين العاجزين .
لقد سمعت عاملا فقيرا يقول حين صدرت الأوامر بخلط الخبز : إنني مستعد أنا وأولادي أن نأكل كل يوم مرة واحدة , إذا وثقنا من أن هذا في سبيل الحرية والتخلص من الإنجليز , ولكنني ساخط كل السخط لأني لا أفهم لماذا نلجأ إلى هذا الخلط ونحن بلد زراعي أعظم محصوله المواد الغذائية؟!
فالشعب على أتم استعداد للبذل , ولكن في الطريق واضحة مرسومة تؤدى إلى الحرية أو الشهادة , بقيادة حكومة حازمة ترسم له في قوة وإخلاص مراحل هذا الطريق , أما إذا استمرت الحكومة في ترددها وتراخيها واضطرابها ، فلن يؤدى ذلك بالشعب إلا إلى أحد أمرين ، إما أن يثور ، وإما أن يموت ، و كلاهما جريمة وطنية لا يغتفرها أبداً التاريخ .
فيا دولة رئيس الحكومة ..
ويا رجال الأزهر الشريف ..
و يا زعماء الهيئات والأحزاب ..
ويا ذوى الغيرة على هذا الوطن ..
ويا أبناء الأمة جميعا :
هذه هي الطريق فاسلكوها في ضوء الإسلام والله معكم .
ألا قد بلغت .. اللهم فأشهد
/

وحدتنا في ضوء التوجيه الإسلامي
وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ
بالأمس وضعت بين يدي قومي وفي قضيتنا الوطنية الخاصة ، توجيه الإسلام الذي هو أخصر الطرق كلها حلاً حاسما كريما ، والذي لا يعدوا النبذ بالخصومة ، وإعداد وسائل الجهاد , ومتى فعلنا ذلك , فقد خرجنا ولا شك من هذه الحيرة ، ووجدنا الجواب الصحيح لهذا السؤال الذي يتحرك به كل لسان ، ويتردد في خاطر كل مواطن : ماذا نعمل الآن ؟ .
والحق أننا لا نحار لأننا لا نريد أن نفعل شيئا , ونهرب من تبعات العمل , ونفر من ثقل التضحيات وتكاليف الكفاح ، ونلتمس اللين والسهولة دائماً ، ولا نفكر في سواهما , ونتصور أن الحرية والاستقلال يهبطان من السماء بغير عمل , والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضة ، ولا تفيض بحرية أو استقلال .. ولو كنا جادين حقيقة في الطلب ، لسرنا في الطريق بعد أن عرفنا في كلمتين اثنين (ننبذ ، ونجاهد) ، والنصر بعد ذلك من عند الله .
والآن أعرض لموضوع آخر يتصل بقضيتنا الوطنية العامة ، التي تنتظم قضايا الأمة العربية بمختلف شعوبها والعالم الإسلامي كله , لنرى كيف تحل هي الأخرى في ضوء توجيه الإسلام الحنيف .
معلوم أن الإسلام رسالة عالمية جاءت لخير الأمم والشعوب جميعاً ، لا فرق بين عربي أو عجمي أو شرقي أو غربي : (تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً) (الفرقان:1) . ولهذا دعا إلى القضاء على الفوارق الجنسية والعنصرية ، و أعلن الأخوة الإنسانية ، ورفع لواء العالمية بين الناس لأول مرة في تاريخ البشرية : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) (النساء:1) .
ومعلوم أن الإسلام كذلك قد قرر من باب الأول أقوى معاني الأخوة بين المؤمنين به والمنتسبين إليه والمعتقدين لرسالته ، حتى جعل الأخوة معنى من معاني الإيمان ، بل هي أكمل معانيه : (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) (الحجرات:10) , (المسلم أخو المسلم ، لا يظلمه ولا يسلمه) ، (ومثل المؤمنين فى توادهم وتعاطفهم وتراحمهم كالجسد الواحد إذا إشتكى منه عضوا تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى) , (والمؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضهم بعضا) .
ويوم واجه المسلمون العالم كله صفاً واحداً وقلباً واحداً في ظل هذه الأخوة الصادقة الحقة ، لم تلبث أمامهم ممالك الروابط الإدارية أو السياسية المجردة ساعة من نهار ، وانهزم أمامهم – بغير نظام – الروم والفرس على السواء . وكونوا إمبراطورية ضخمة تمتد من المحيط إلى المحيط ، ذات علم وحضارة ، وقوة وإشراق .
ويوم غفلوا عن سر قوتهم , ولم يأخذوا بهدى كتابهم : (وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) (لأنفال:46) , ودب إليهم داء الأمم من قبلهم من تغليب المصالح المادية الزائلة على الاخوة الإيمانية الباقية ... تمزقت هذه الإمبراطورية أيدي ابن سبأ , ولعبت بها المطامع الخارجية والداخلية ، وانتهى أمرها مؤخراً بعد الحرب العالمية الأولى إلى الانهيار ، والوقوع في أسر خصومها من غير المسلمين , الذين احتلوا أرضها ، وملكوا أمرها , وتقاسموها فيما بينهم ، وظنوا أنه قد انتهى أمر الإسلام وختمت الحروب الصليبية أفضل ختام .
وكانت الدسيسة الكبرى التي اقتحمت على المسلمين عقولهم وقلوبهم أولاً ، ثم أراضيهم وبلادهم ثانياً ، هي تأثرهم بالعنصرية والشعوبية ، واعتداد كل أمة منهم بجنسها ، وتناسى ما جاء به الإسلام من القضاء على عصبية الجاهلية والتفاخر بالأجناس والألوان والأنساب .
وقد انتهت الحرب العالمية الثانية , التي قضت على العنصريات الحديثة في أوربا ، عنصرية النازية والفاشية ، فرأينا بعدها الدول الأوربية الكبرى تسعى سعياً حثيثاً إلى التجمع والتكتل ، باسم العنصريات تارة , والمصالح تارة أخرى .. فروسيا تحاول أن تجمع العنصر الصقلبى بكل شعوبه تحت لواء الاتحاد السوفيتي , وإنجلترا وأمريكا تتجمعان باسم الجنس واللغة ، ثم تتقاسمان بعد ذلك أمم العالم ومناطق النفوذ في الأرض باسم المصالح والضروريات الحيوية , وتستر هذا التنافس بينها بتكوين هيئة الأمم المتحدة لتوهم الناس أنها تزكى العالمية ، وتعمل لخير بنى الإنسان , كما رأينا هذه الدول نفسها تتجمع ضد حقوقنا الوطنية ، وتخذلنا في كل قضية من قضايانا الجوهرية , سواء عرضت على مجلس الأمن أم في هيئة الأمم المتحدة , كما حدث في قضية مصر , وفى قضية فلسطين , وفي قضية إندونيسيا .
نحن أمام كل هذه الأوضاع العالمية الجديدة ، وأمام تشابه قضايانا ، فهي كلها قضية واحدة معناها استكمال الحرية والاستقلال , وتكسير قيود الاستغلال والاستعمار .. ولا بد أن نلجأ من جديد إلى ما فرضه الإسلام على أبناءه منذ أول يوم ، حين جعل الوحدة معنى من معاني الإيمان ... يجب أن نتكتل ونتوحد . وقد بدأنا بالجامعة العربية ، وهى وإن كانت لم تستقر بعد الاستقرار الكامل ، إلا أنها نواه طبية مباركة على كل حال ، فعلينا أن ندعمها ونقويها ، ونخلصها من كل ما يحيط بها من عوامل الضعف والتخلخل . وعلينا أن نوسع الدائرة حتى تتحقق رابطة أمم الإسلام – عربية وغير عربية – فتكون نواه (لهيئة الأمم الإسلامية) بأذن الله ...
وبهذه الطريقة ، والتي ستضيف إلى وسائلنا الخاصة بكل أمة ، من النبذ والجهاد معنى آخر من معاني القوة , وهي الوحدة والتجمع ، نستطيع أن نتخلص ، وأن نحفظ التوازن العالمي بين الأمم الطامعة ، والدول المتنافسة على المغانم والحطام .
والمسؤول عن تحقيق هذه الخطوات ، الحكومات العربية والإسلامية جميعاً ، وكل دعاة الإصلاح في هذه الشعوب من رسميين وأهليين .
واليوم أوجه النداء : (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا) (آل عمران:103) .
ألا قد بلغت .. اللهم فاشهد .
حسن البنا
/
Admin
Admin
Admin

عدد المساهمات : 104
تاريخ التسجيل : 11/10/2010

https://hassanalbanna.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى